«إيران إيليكشن»: «تويتر» بدلاً من الخيار العسكري على إيران؟

جريدة السفير

بدا الإعلام الغربي حريصا بشكل غريب على ربط ما يحدث في إيران بتعقيداته وحساسيته، بموقع «تويتر» الاجتماعي، وهو نوع من التدوين المصغر والسريع.
ولا شك في انه منذ الإعلان رسمياً عن فوز الرئيس محمود احمدي نجاد على المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي، وهناك زخم غير عادي في الفضاء الالكتروني، إن وجد له اسم رمزي فسيكون حتماً، «عملية تويتر» على غرار عمليات «عاصفة الصحراء»، و«الحرية الدائمة» وغيرها.
منذ لحظة إعلان موسوي وأنصاره، الذين يعتقدون انه يتمتع بشعبية لا يمكن أن تسمح له بالهزيمة، ان الانتخابات زُورت، وصدى هذا الاتهام مع التظاهرات الطهرانية، انعكس جليا في الحركة داخل «تويتر». وأصبح الموضوع الأكثر نقاشا على الإطلاق على الموقع هو: iranelection انتخابات إيران).
وبما أن «توتير»، ثالث اكبر موقع للشبكات الاجتماعية (بحسب موقع compete.com الاميركى، المعني بتتبع وتحليل حركة مستخدمي الانترنت)، فهذا يعنى أن نقاش «انتخابات إيران» على «تويتر» ليس بأمر هين.
وبلغ الهوس الإعلامي بـ «تويتر» مداه لدى المحطات والصحف والإذاعات الغربية، بنشرها أو بثها سيلا من التقارير حول المعلومات «الكثيرة» الآتية من إيران، والتي توفرها مواقع الشبكات الاجتماعية.
وكان واضحا أن هذا الاهتمام الشديد بـ «تويتر» سبق قرار السلطات الإيرانية تقييد حركة المراسلين الغربيين في طهران، والذي صدر بعد انطلاق صيحات التزوير. وبرزت محطة «بى.بى.سي» الأكثر اهتماما بما في «تويتات» مستخدمي الموقع، حتى قبل أن تطلب السلطات الإيرانية من مراسلها مغادرة البلاد في ٢٢ حزيران.
وبعد متابعة «تويتس» أو الرسائل القصيرة التي يرسلها مستخدمو الموقع، المتصلة بإيران، لمدة اسبوع، يستوقفك أنها لا تبدو إيرانية الهوية. فمعظم الرسائل بالانكليزية لا الفارسية. وبعد الساعات الـ٢٤ الأولى من المتابعة، تبين أنها توفر إثارة كثيرة… ومعلومات قليلة جداً. كذلك يلاحظ أن معظم الرسائل، إن لم يكن جميعها، لم تكن معنية كثيراً بتوفير دلائل تدعم اتهامات التزوير أو حتى نقاشها، رغم أن هذا هو سبب ما يفترض انه «ثورة» يتحدث الإعلام الغربي (وبالتبعية، العربي) عنها.
في المقابل يعج النقاش تحت عنوان iranelection بـ «تويتات» كهذه: «حالما تغير بياناتك على تويتر كي تكون مدينتك طهران، ابدأ في شتم النظام الإيراني» و«الحرية في إيران تعني سلاما في العالم ونهاية الإرهاب»! و«حكومة إيران استدعت ٥٠٠٠ حمساوي عربي من لبنان لقتل المناضلين الإيرانيين».
وبحسب المستخدم mraff94 فإن «ما يحدث لم يعد حول التزوير». ماذا يحدث إذاً؟ ولماذا، رغم حجم المعلومات المغلوطة والأكاذيب والخيالات الآتية من «تويتر» حول إيران، يتمسك الإعلام الغربي، الذي يدعى انه معني بالمهنية والموضوعية، إلى حد الهوس، في ظل أزمة سياسية حقيقية، بموقع للشبكات الاجتماعية؟ أم أن شيطنة النظام الإيراني، الذي يميز الزخم الحاصل في «تويتر»، هي أكثر ما يجذب الإعلام الغربي، الذي ارتأى، ربما، أن يضع التدقيق الصحافي أو مبدأ التحقق من صحة المعلومات، جانبا إلى أن تنتهي الأزمة الإيرانية؟!.
ويقول أستاذ علوم الإنسان في جامعة «كونكورديا» الكندية ماكسيميلان فورت، والخبير في إعلام الشبكات الاجتماعية أن «سي.ان.ان»، «تفتخر بتشكيلها مكتب تويتر، إضافة إلى مكتب إيران». أما «بي.بي.سي» فتبرز على موقعها الالكتروني روابط لـ «تويتر» على جميع صفحاتها الخاصة بإيران، وتشير بوضوح إلى رابط انتخابات إيران iranelection.
ويقول فورت لـ«السفير» ان «الافتراض» هنا أن هذه هي الطريقة التي يبعث الإيرانيون من خلالها معلوماتهم إلى العالم، وبما أن الإعلام الغربي ممنوع من تغطية الأحداث من موقعها، فإن «تويتر» وإعلام الشبكات الاجتماعية هما أفضل بديل. ويظن الإعلام الغربي، كما يقول فورت، أنه «عندما ينقل الاعلام الغربي هذه المعلومات مضيفا عبارة «اننا لا نستطيع التأكد من صحتها»، فانه يعتقد أن لديه تفويضا مفتوحا يسمح له بتكرار ما يريده من نقاش # انتخابات إيران».
لكن ما لا ينتبه إليه كثيرون، بحسب فورت، أن مناقشة انتخابات إيران على «تويتر» يسيطر عليها مستخدمون أميركيون، لا إيرانيون. ويكتب هؤلاء من «منطلق اميركي جيوسياسي، مستخدمين شعارات اميركية استعمارية حول الحرية والديموقراطية».
وفي بحث له حول الموضوع نشر على موقعه: openanthropology كتب فورت انه من الخطأ تسليط الضوء على الوجود الأميركي فقط، فالإسرائيليون من أكثر مستخدمي «تويتر»، و«لديهم مصلحة في السيطرة على النقاش لخدمة مصلحة إسرائيل، كما يفعل الأميركيون لمصلحة دولتهم».
وبحسب موفر تحليلات عن شبكات الإعلام الاجتماعي، «سيزموس» الكندي، يوجد حاليا «فقط» 235,19 مستخدم لـ«تويتر» فى إيران (٩٣ في المئة من طهران، و0,94 في المئة في شيراز و0,83 في المئة في مشهد)
وقبل ١٢ حزيران، وهو تاريخ الانتخابات، سجل «سيزموس» أن ٥١،٣٪ من رسائل «تويتر» مصدرها إيران، مقابل ٢٧ في المئة من خارجها، بينما لم يحدد ٢١،٦٪ من المستخدمين أماكنهم الجغرافية. وفي ١٩ حزيران، ذروة الاحتجاجات، تغيرت النسب. ٤٠،٣٪ من مستخدمي «توتير» حول إيران، جاءوا من خارجها، مقابل ٢٣،٨ من داخل إيران (أو ادعوا ذلك) بينما لم يحدد ٣٥،٧٪ أماكنهم. وتعكس هذه الأرقام حركة غير عادية من خارج إيران، لبث رسائل حول الانتخابات بعد الادعاء بتزويرها.
ولا يخفي المسؤولون الاميركيون، الذين شكلوا في العام ٢٠٠٧، مكتباً في وزارة الخارجية «لتطوير الديموقراطية في إيران»، أنهم يتابعون الأزمة الإيرانية عن كثب. وكانت وزارة الخارجية الاميركية طلبت أن تمتنع «تويتر» عن وقف الخدمة من اجل الصيانة، كي لا تعطل متابعة المسؤولين للرسائل الإيرانية الآتية من «تويتر» (مثل «أنقذونا! أين اوباما! الموت لخامنئي! إنهم يقتلون الطلبة والباسيج يقوم بمذبحة! أين الصليب الأحمر؟ أين الأمم المتحدة؟). ووصف وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس في ١٨ حزيران، في حديث لـ «بي.بي.سي.»، شبكات الإعلام الاجتماعى بـ «المكسب الاستراتيجي الكبير» لواشنطن، مذكّراً بأن «الاتصال السهل للتكنولوجيا الغربية والإعلام، قام بدور في انهيار الاتحاد السوفياتي وشرق أوروبا».
وبالروح ذاتها، دخلت وسائل الإعلام على الخط لأداء دور في دعم التظاهرات. فمحرّك البحث «غوغل»، مثلاً، أضاف بشكل فجائي خدمة ترجمة الفارسية إلى الإنكليزية. واعترف مدير أبحاثها بيتر نورفج بأن السبب هو «ما يحدث في إيران». «بي. بي.سي.» دعمت خدمتها باللغة الفارسية عن طريق قمرين اصطناعيين لتقوية تردداتها في إيران «بعدما تعرضت لتدخل مقصود» بحسب مسؤوليها. حتى «فايس بوك» قدم نسخة فارسية من موقعه هو الآخر.
لكن إلى أى مدى يساعد هذا الدعم اللوجيستي الهائل الإيرانيين داخل إيران؟ وما مدى تمثيل الاصلاحيين «الخضر» في «تويتر» للشباب الغاضب في طهران؟
يقول علي رضا دوستدار، وهو باحث إيراني في جامعة هارفرد، مقيم حاليا في طهران من اجل أطروحة الدكتوراه التي يكتبها، انه صوّت لصالح موسوي، لكنه، عكس النبرة العدوانية السائدة في «تويتر»، لا يؤيد بالضرورة نظرية التزوير. وكتب لـ «السفير» في رسالة إلكترونية، ان ما يقال على «تويتر» لا يعكس مطالب حركة الإصلاح في إيران.
«لا توجد ثورة تويترية ولا توجد ثورة من أي نوع» يقول دوستودار «التظاهرات تطالب بإعادة الانتخابات، ولا يطالبون، إلى الآن على الأقل، بتغيير النظام في إيران»، عكس ما ينقل على «تويتر».
أما فورت، فيميز بين «خضر تويتر» و«خضر موسوي». الأولون يريدون الإطاحة بالنظام الإيراني وتقليص الشق الإسلامي فيه، «وأثناء ذلك يدفعون بكلمات داخل أفواه الإيرانيين». ويضيف أن «ما يحدث يسلط الضوء على التفكير الاستعماري وعقلية الغزو الذهني من الباطن. وتلك عبقرية هذه التجربة الملتوية».

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *